الأولى

سفيان جيلالي رئيس جيل جديد: نحن نتعرض للابتزاز كلما تحدثنا عن الحوار

Temps de lecture : 6 minutes

 

أعلنتم أن رئيس الجمهورية من الممكن أن يقوم باستدعاء الهيئة الناخبة قبل 31 ديسمبر. برأيكم، هل من الممكن هذا الاستدعاء في حين أن القانون (الانتخابي) الجديد غير جاهز أصلاً؟

في ردي على سؤال صحفية القناة الإذاعية الثالثة حول قراءتي لمضمون خطاب الرئيس خلال ظهوره الأخير، أشرت إلى أن رئيس الجمهورية كان قد أعطى تعليمات لجعل قانون الانتخابات جاهزا في غضون 10 أو 15 يوما. كان استنتاجي حول استدعاء الهيئة الناخبة مبني مع الرغبة المعلنة في تجديد المؤسسات المنتخبة قبل نهاية العام. ظهور وباء كوفيد 19 أدى إلى تغيير في الرزنامة التي كانت مسطرة من قبل، ومع ذلك، استدعاء الهيئة الناخبة قبل 31 ديسمبر ستكون له دلالته الرمزية مع الالتزامات السابقة.

على أية حال، إن إجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن يكون منطقيًا، إذا أخذنا بعين الاعتبار الانتقادات اللاذعة للبرلمان الحالي. الجزائريون في عجلة من أمرهم لرؤية طبقة سياسية جديدة في المؤسسات.

ستؤدي الانتخابات الشفافة إلى مشاركة جميع الأحزاب السياسية، بما في ذلك أحزاب المعارضة، إلى تنشيط الحياة السياسية، وتحويل نقاشات الشارع إلى داخل المؤسسات، وتحقيق الاستقرار في البلاد. يتفق الجميع على ضرورة تحقيق تغيير حقيقي، لابد أن يكون بطريقة تكون هادئة وسلمية.

من الواضح أن المسار الثوري على خطى “الربيع العربي” ستكون بمثابة انتحار للجزائر. لا أظن أن هناك من الوطنيين، حتى من أشد المعارضين، من يريد دفع الوضع إلى التدهور في هذه الأوقات من التهديدات الأمنية على الحدود. يجب أن تنفتح السلطة على الأحزاب السياسية وتعزز التضامن الوطني. وفي هذا الصدد تشكيل حكومة سياسية ستكون إشارة إيجابية في هذا المسعى.

 

يمكن أن يفهم أيضًا من تصريحاتكم الأخيرة أن المسار الحالي هو الحل للأزمة. ومع ذلك، كانت هناك خيبة أمل كبير خلال الاستفتاء على الدستور. ألا تخشون تكرار السيناريو مع الانتخابات التشريعية المقبلة مع احتمال أن يهيمن عليه كما في السابق الثنائي جبهة التحرير الوطني / التجمع الوطني الديمقراطي؟

هل هناك من بإمكانه أن يؤكد لنا أن الانتخابات تحت نظام بوتفليقة كانت التعبئة فيها أكبر؟ يعلم الجميع أن الجزائريين لم يصوتوا منذ مدة طويلة. لا شك أن هناك عدم ثقة كبيرة ليس فقط في الاقتراع ولكن أيضًا في العمل السياسي ككل. وعدم الثقة هذه مفهومة وطبيعية في ظل التسيير الكارثي الذي عرفته البلاد لسنوات عديدة.

فيما يتعلق بالإقبال على الانتخابات التشريعية المقبلة، أعتقد أنها ستظل منخفضة، وإن كان ربما أفضل مما كانت عليه في حالة الاستفتاء. الأمور مختلفة والتعبئة ستكون أسهل. على أي حال، الثقة تُبنى بمرور الوقت ولا يمكن فرضها بمرسوم.

أخيرًا، احتمالية الافلان والارندي على البرلمان المقبل ستكون إشارة سيئة للغاية لمستقبل الديمقراطية. أقولها مرة أخرى، إذا كانت الانتخابات حرة وشفافة، فلابد من احترام النتائج، وإذا وجد الجزائريون هذه الأحزاب أمامهم فقط لطمأنتهم وتوفير الأمن والاستقرار لهم، فسيلجئون إليها. عندها لن نلوم إلا أنفسنا كمعارضة. المطالبة بالحلول المستحيلة سينتهي بنا المطاف إلى خسارة كل شيء.

لابد من الأخذ بعين الاعتبار التحديات الآنية ودرجة الخطورة لمعالجة حقيقية للأزمة. المجتمع الجزائري يتغير. إنه ينتقل من الهياكل التقليدية في انهيار كامل إلى شكل من أشكال التوفيق بين المعتقدات غير المفهومة، والذي هو مزيج من الآثار القديمة المتبقية والحداثة غير المنظمة. يجب أن يكون المشروع الاجتماعي الحديث قادرًا على تحقيق التماسك في مجتمع هش، قد يسقط وبسهولة في فخ اللاستقرار المزمن. هنا يتجلى دور النخبة التي عليها تحمل المسؤولية لتكون مصدر إلهام للشعب وألا تنجرف بعيدًا في الشعبوية الصاخبة والعقيمة.

فيما يتعلق بآليات الخروج من الأزمة، علينا ببساطة أن نتصرف مثل جميع البلدان القانونية والديمقراطية ونترك الناس يختارون قادتهم. محاولة فرض الانتقال بأشخاص معينين لن يحل أي أزمة، بل على العكس تمامًا. من المخول له التعيين؟ ووفقا لأية ضوابط؟ بأي شرعية؟ لفعل ماذا؟ لفترة كم من الوقت؟ لا يمكن حل مشكلة الشرعية من خلال اجتماعات سرية بين أشخاص نصبوا أنفسهم ممثلين عن الشعب.

تم وضع آلية الانتخابات أصلا لحل هذا النوع من المشاكل. البعض يدعي الدفاع والثناء على الشعب وفي نفس الوقت ينكرون عليه حق اختيار مسؤوليه عن طريق الانتخابات. إذا كان الأمر يتعلق بشفافية ونزاهة الانتخابات بشكل عام، فمن رأي أن العمل والمبادرة في هذا المسعى هو الكفيل لهذا. العمل على العملية الانتخابية تكون خالية من العيوب ولا تشوبها شائبة. توحيد الجهود لفتح وسائل الإعلام الرئيسية، وتعزيز حرية الصحافة، وإطلاق المبادرات … دعونا نكون عمليين أكثر وأكثر كفاءة.

 

لاحظنا في الآونة الأخيرة جدل متزايد حول مواقف جيل جديد. آخرها انتقادكم للائحة البرلمان الأوروبي. اعتبر الكثيرون ذلك بمثابة تغيير في الموقف من جانبكم، على الرغم من أنكم دافعتم في مرحلة سابقة عن فكرة “التوأمة” بين الانتخابات الرئاسية والعملية التأسيسية …

جدل ؟؟؟ أكبر من هذا بكثير. جيل جديد تعرض لحملات شرسة على مواقع التواصل الاجتماعي. أصبحنا هدف ابتزاز لا يرحم كلما تحدثنا عن الحوار، وعن إطلاق سراح المعتقلين، وعن رفض التدخل الجاد في شؤون السيادة الوطنية. فهمنا أن الذين يهاجمون جيل جديد هم في الحقيقة ضد الحوار، وضد إطلاق سراح المعتقلين، وضد رفض التدخل الأجنبي. نحن ندرك تمامًا المنطق الكامن وراء هذه الاختيارات والأهداف الاستراتيجية التي يريدون تحقيقها.

لكن وبشكل عام، لا أحد، مهما كانت توجهاته، هو بمنأى عن مثل هذه الحملات الشرسة. تعلمون جيدًا أن شبكة التواصل الاجتماعي هي بالنسبة للبعض أضحت المكان الأفضل لتفريغ الكبت من الاحباطات والصعوبات التي يعاني منها، والظلم الذي يمارس يوميا، كلها دوافع لإطلاق العنان لكل أنواع التعبير الجامح والتطرف الأيديولوجي. أضف إلى ذلك منطق الخوارزميات التي تجعل من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي حبيسي فقاعات متجانسة. تدريجيًا، تغلق المجموعات نفسها في فكر آحادي يصعب التفكير خارج الصندوق.

بالعودة لسؤالكم. لا يمكن فهم قرار البرلمان الأوروبي إلا على أنه تدخّل خطر في الشؤون الداخلية للجزائر، وإلا كان يجب الاعتراف بأن هناك عدم جدية ونقص فادح في كفاءة أعضاء هذه المؤسسة.

لو كانت اللائحة قد اقتصرت فقط على التجاوزات في موضوع حقوق الإنسان ودعم ضحايا العدالة الجزائرية، لكنا تفهمنا ذلك. ولكن ما أدهشنا هو الخلط في التغليط المتعمد في إطالة قائمة سجناء الرأي بأسماء أشخاص لم يسجنوا قط، وآخرون أطلق سراحهم لعدة أشهر والبعض الآخر في السجن لخلفيات إرهابية معروفة؟ من جهة أخرى ما هي العلاقة بين حقوق الإنسان و “مساءلة حسابات الجيش الجزائري”؟ وبأي حق محاولة فرض عدد من التعديلات الدستورية والقانونية على الترسانة القانونية الجزائرية وبتلك التفاصيل؟

صراحة، عند اطلاعنا على مضمون اللائحة، شعرنا بالإهانة من خلال 18 ملاحظة و20 تعليمات والتي يجب علينا نحن الجزائريين تنفيذها! أنا متأكد من أن معظم الناس، بحسن نية، لم يقرؤوا حتى محتوى القرار ولكنهم رأوا فيه دعمًا لـ “المظلومين”. ومع ذلك، لا أظن العالم يسير بالنوايا الحسنة.

فيما يخص اقتراحنا “بالتوأمة” بين الرئاسيات والمجلس التأسيسي، فهو اقتراح لا يزال ممكنًا في المستقبل. في جيل جديد، اعتبرنا الدستور الذي تم الاستفتاء حوله بأنه “دستور مرحلة”.

بمعنى آخر، بالنسبة لنا، من المرجح تحسينه إلى ما هو أفضل. في ظل وجود برلمان حقيقي يتمتع بالمصداقية والشرعية، سيكون من الممكن، في رأيي، تغيير موازين القوى، تعزيز استقلالية القضاء، تحقيق دولة القانون من خلال حوار مؤسساتي. من الضروري أن تتمكن الطبقة السياسية من التحكم الجيد في الأدوات الديمقراطية.

هذه الأخيرة لا تتحقق في إطار تهديمي أو شعبوية جياشة، وإنما من خلال تبادل الآراء والاستماع، في النقاش والتسامح.

 

قضية المعتقلين لا تزال تشكل عائق. ما يقرب من 90 شخصًا رهن السجن، الكثير منهم لمشاركتهم في المظاهرات أو لمجرد النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. هناك أيضا إساءة استخدام الحبس الاحتياطي. ألا تعتقدون أن السلطة القائمة لم تظهر بعد بوادر حقيقية للذهاب في إصلاحات عميقة؟

لم يعد هناك حراك منذ مارس 2020 ولا أعتقد أنه كان هناك اعتقالات تعود لهذا السبب. علاوة على ذلك، فإن ترسانتنا القانونية بلا شك تبقى غير ملائمة لحياة ديمقراطية مزدهرة. بدلًا من حصر القضاة في شكل من أشكال الصراع للقوانين الحالية، من خلال استراتيجية القطيعة التي يفضلها بعض المحامين، يبدو لي أنه سيكون من الحكمة التصرف سياسيًا لتغيير التشريعات. هذا ليس بالأمر السهل وأتفهمه جيدا. يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن هناك مقاومة من المحافظين والتقليديين ما يصعب من مأمورية جعل الأمور تتطور في الاتجاه المراد تحقيقه حتى المجتمع نفسه.

لا ينظر الجميع إلى فكرة حرية التعبير بنفس المفهوم. توجد مثل هذه النقاشات حتى في البلدان المتقدمة. حرية الاعتقاد على سبيل المثال، يجب ألا تؤدي إلى التعدي على مقدسات الآخر. أن يعيش كل واحد في سكينة مع معتقداته أو قناعاته الخاصة دون أن يضطر إلى مهاجمة قناعات الآخرين. الازدراء والعدوانية في هذا المجال منتشرة وعلى نطاق واسع في المجتمع وتؤجج باستمرار الانقسامات والكراهية بين الجزائريين.

ومع ذلك، أتفق معك تمامًا بشأن الحبس الاحتياطي. هناك تعسف واضح في هذا المجال. يجب علينا حقاً تقييد هذا النهج وتمييزه بدقة. لا أفهم لحد الآن لماذا السيد علي غديري ما يزال محتجزاً. ليس الوحيد في هذه الحالة على أي حال. أما بالنسبة لسجناء الرأي الـ 90، فهناك تغليط. لقد طلبنا من المحامين مرارًا وتكرارًا أن يوضحوا لنا التهم. بصرف النظر عن بعض التفسيرات الغامضة، لا أحد يريد قول الحقيقة. أفهم أن المحامين يريدون حماية موكليهم، لكن أيضا الصحافة لا تتعمق أبدًا في الأمر وغالبًا ما تكتفي ببعض الكتابات السطحية. الآن، إذا كان شخص قد ارتكب جنحة، ولأنه كان يشارك في الحراك سيتم اعتباره سجين رأي فهنا يبدو لنا أن هناك تزيف للواقع، إن لم يكن الأمر فيه سوء نية.

في هذه القضية، العدالة لها قسطا من المسؤولية أيضًا عن المعلومات المغلوطة. فهي لا تشرح للرأي العام ولا تتواصل وتترك المجال وسع للشك والريبة. من الواضح أننا لا نزال نعيش وفق ذهنيات لطالما اشتغلت في ظروف صعبة ومتشنجة.

البلد بحاجة إلى التهدئة، مواصلة الحوار، لخلق مناخ من الثقة بين الجميع، والذهاب بحزم نحو تغييرات عميقة وعلى عدة مستويات. التواصل مع الجميع، وفتح وسائل الإعلام، وتنظيم التعددية مع احترام الجميع، كلها أمور ضرورية إذا أردنا إقامة ديمقراطية، ودولة القانون، والمواطنة كلها قضايا تعنينا جميعا.

 

تم الإعلان عن بعض المبادرات مؤخرًا، كما هو الحال مع السيد عبد العزيز رحابي على سبيل المثال. ما هي قراءتكم؟

لست على دراية بها ولكن كل مبادرة تستحق التشجيع. يجب على الجميع أن يدركوا المخاطر التي نعيشها للتوصل إلى حد أدنى من التوافق. هناك أساسيات يجب احترامها بشكل مطلق، لأنها تضمن لنا الأمن والاستقرار.

 

Heythem Gaba

Recent Posts

بيان المجلس السياسي – أبريل 2024

 بيان المجلس السياسي الجزائر في 27 أفريل 2024                                 في غضون أربعة…

3 أسابيع ago

16 أبريل: يوم المعرفة, ما الذي يجب معرفته

منذ استقلال بلادنا ، الجزائريات والجزائريون ، ولا سيّما المهتمون بتعليم أطفال هذا البلد ،…

1 شهر ago

أين هي الحملات الكبيرة للوقاية من المخدرات؟

  يجب أن نضع حداً للتساهل الذي يحيط بالمخدرات. من المنطق أن تكون حملات الوقاية…

1 شهر ago

خرجة ميدانية لتنسيقية جيل جديد البليدة لبلدية مفتاح

  في إطار النشاط الميداني لتنسيقيات جيل جديد الولائية، استقبلت صبيحة يوم أمس السبت تنسقية…

3 أشهر ago

استقبل جيل جديد وفدًا يمثل أمهات المفقودين خلال العشرية السوداء

  استقبل جيل جديد، ممَثلا بأمينه الأول السيد حبيب براهمية وعضو مجلسه السياسي السيدة مريم…

3 أشهر ago

نشرة المجلس العلمي لجيل جديد الاقتصادية للسداسي الثاني من عام 2023

  صدرت نشرة المجلس العلمي لجيل جديد الاقتصادية للسداسي الثاني من عام 2023، والتي كتبها…

3 أشهر ago