إن الحزب السياسي، وخاصة إذا كان في صفوف المعارضة، من واجبه أن ينتقد، وأن يقدم الحلول ومقترحات التي قد توفر توجهات تسهم في جعل البلد جاذبًا اقتصاديا ومستقرا سياسيا.
الأمر هنا لا يتعلق بانتقاص كل ما تقوم به الدولة من أجل تحسين حياة المواطن اليومية، بل يتعلق حصرا بالإشارة إلى التناقضات الصارخة في إدارة أصبحت حدودها واضحة على جميع المستويات.
1/ دولة غنية تثير أطماع المتملقين والماجِدين والمسبحين بحمد السلطة، ممن يحفرون عميقا في الفساد والمحسوبية حتى أصبحت هذه الآفات كالغرغرينا المتجذرة التي يصعب استئصالها.
الفساد في الجزائر ليس حادثة عرضية، بل هو نظام قائم بحد ذاته، لا يقتصر على بضعة أفراد، بل يندرج ضمن بنية سلطوية قائمة على تبادل المصالح، والحماية المتبادلة، والإفلات من العقاب.
على مدى عقود، تحول نظام المحسوبية إلى أسلوب حكم وثقافة سائدة: تُوزّع المناصب والصفقات والامتيازات لا على أساس الكفاءة، بل على أساس الولاء. هذا الوضع ينخر كل المجالات السياسية والاقتصادية والإدارية ويحرم البلاد من تنمية قائمة على الاستحقاق.
حتى موجات الاعتقالات التي طالت كبار المسؤولين (بعد سقوط بوتفليقة) تبدو أقرب إلى صراع بين الأجنحة منها إلى إرادة حقيقية لتطهير الحياة العامة. الشعب يرى بوعي أن الوجوه تتغير لكن النظام باقٍ.
2/ اقتصاد تحت التنفس الاصطناعي: الريع كسجن
لا تزال الجزائر تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط والغاز، التي تمثل أكثر من 90% من صادراتها.
هذا النموذج الريعي يخلق وهما بالثراء، لكنه في الحقيقة يجعل البلاد عرضة لتقلبات أسعار الأسواق العالمية.
بدلاً من استثمار هذه الثروة لبناء اقتصاد إنتاجي، فضّل الحكام استخدامها لشراء السلم الاجتماعي وتعزيز سلطتهم.
التنويع الاقتصادي الذي يُعلَن عنه باستمرار، يبقى غائبًا على أرض الواقع. القطاع الخاص مخنوق بالبيروقراطية، والخوف من المبادرة، وبيئة قانونية غير مستقرة. الاقتصاد الموازي يزدهر، في حين أن الابتكار وريادة الأعمال محاصران بدولة لا تثق في مواطنيها.
3/ شباب مُهمَّش: جيل غاضب
يمثل الشباب الجزائري أكثر من نصف السكان، لكنه الضحية الأولى لفشل السياسات. نسبة البطالة بين الشباب تقارب 30%، وأحيانًا أكثر حسب المناطق. كثيرون منهم يحملون شهادات جامعية، لكنهم يجدون أنفسهم بلا أفق، محكوم عليهم بالبطالة أو الهجرة.
تعبير “الحَرقة” ليس مجرد كلمة، بل هو صرخة يأس.
المأساة أن هذا الجيل ليس لامباليا، بل أظهر، خاصة من خلال الحراك، نضجا سياسيا وطموحا لتغيير سلمي وعميق. لكن بدلاً من الاستماع إليه، يُواجَه بالازدراء والتجريم والتهميش. النظام لا يقدم له سوى ثلاثة خيارات: الصمت، الرحيل، أو الخضوع.
4/ حرية التعبير والإعلام: صمت مفروض
في حين تدّعي الخطابات الرسمية ضمان الحريات، فإن الواقع مختلف تماما.
الأصوات الناقدة، حتى تلك البناءة والهادفة إلى المصلحة العامة، تُتهم بتهديد السلم الاجتماعي، وهي عبارات فضفاضة لكنها فعالة لإسكات كل معارضة.
وسائل التواصل الاجتماعي، آخر فضاءات النقاش الحر، أصبحت أكثر فأكثر تحت المراقبة. مجرد منشورات قد تؤدي بصاحبها إلى الاعتقال.
هذا المناخ من الخوف يخنق الرأي العام ويمنع ظهور نقاش ديمقراطي صحي.
لا شك أن الجزائر ليست محكومة بالبقاء في هذا النموذج. فهي تمتلك الموارد، والذكاء الجماعي، وشبابا شجاعا. لكن طالما استمر الحكام في تفضيل بقاء النظام على مستقبل البلاد، فإن الهوة بين السلطة والشعب لن تزيد إلا اتساعًا.
الأمر لم يعد يتعلق بمجرد النقد، بل بالمطالبة بإعادة تأسيس سياسية جادة، تقوم على الشفافية، والعدالة الاجتماعية، والإنصات للشباب، واحترام الحريات الأساسية. بهذا الثمن وحده يمكن للجزائر أن تطوي صفحة الجمود وتدخل عصرًا حديثًا يكون للشباب فيه مكانه الكامل.
أحمد وارد
في خضم التوترات الجيوسياسية المتصاعدة على الصعيد العالمي، ندرك نحن الجزائريون أن بلادنا ليست بمنأى…
Algeriepatriotique: أطلقتم تصريحًا غاضبًا على منصة "إكس" بعد قرار تسوية تجارة "الكابة"، الذي تعتبره السلطات…
بقلم: سفيان جيلالي دخلت الجزائر منذ عقد من الزمن المرحلة النهائية من عمر جمهوريتها الأولى.…
الجزائر: لحظة الاختيار التكنولوجي – من باندونغ إلى الذكاء الاصطناعي، نهاية عدم الانحياز بقلم: سليم…
بيان التنديد بالفساد يوصلك إلى السجن! يُعلم جيل جديد الرأي العام أن السيدة نهيمة عباد،…
شكرًا لك على قبول دعوتنا. أنتم رئيس الحزب السياسي الجزائري "جيل جديد"، كما أنكم مؤلف…