تعيش الجزائر منذ السنوات الأخيرة، أزمات متتالية في تزويد السوق الوطنية بالمواد الغذائية الأساسية
من خضر وفواكه…إلى أخره، حيث أنه أصبح حديث الساعة على الصعيد الوطني والإقليمي، و على
سبيل المثال، الارتفاع الجنوني في سعر مادة الموز و البصل الذي يعتبر عنصر أساسي في الطبخ
الجزائري أو كما بلقب بملك الطاجين.
من خلال هذا المقال، سأحاول معرفة أسباب هذا الارتفاع، وما هي السبل التي يجب اتخاذها لتفادي هذه
الظاهرة التي أرهقت جيب المواطن، حيث انه أدى الى ارتفاع أسعار كل الخضر.
يتبين من خلال تحليل دقيق للسوق الوطنية، ان هذا الارتفاع الجنوني سببه نقص في التموين، أي ان
الإنتاج الوطني لم بعد قادرا على تلبية حاجات السوق، ووفقا لنظرية العرض والطلب، إذ اختل واحد
منهم، فالسعر سيلعب دور الضبط.
نعود الان للبحث عن سبب ندرة البصل (قد ينطبق هذا المنطق على كل المواد الاستهلاكية من بطاطس،
ثوم، طماطم…إلى اخره) حيث اننا وجدنا عزوف الفلاحين عن زراعة البصل هذه السنة، بسبب الخسائر
الفادحة التي تكبدوها العام المنصرم وكساد البصل عندهم، سببه وفرة الإنتاج، أي اغراق السوق من
جهة، ونصوص قوانين محاربة المضاربة الغير مشروعة من جهة أخرى التي خلقت جو من الخوف
عند أصحاب غرف التبريد.
اما عن الموز، الذي يعتبر في السوق الجزائري كمؤشر لسعر الفواكه، اذ ارتفاع سعر الموز يؤدي دائما
لارتفاع سعر باقي الفواكه، حيث اننا لاحظنا على سبيل المثال ان سعر البرتقال لم ينزل تحت 200 دج
/ كغ، مع العلم ان السنة الماضية، كان يتراوح بين 100 الى 120 دج/كغ، وهذا راجع لقوانين ضبط
الاستيراد المنتهجة وقيمة الرسوم الجمركية والشبه جمركية المنطبقة على مادة الموز، رغم انه لا ينتج
محليا او الإنتاج المحلي جد ضئيل لا يسمح بتغطية حاجات ولاية واحدة.
من هنا نستنتج ان السلطات المعنية, لم تلعب دورها في, من جهة ارشاد و توجيه الفلاحين و
المستثمرين, و من جهة أخرى ضبط السوق, و هنا يعود بنا الكلام عن دور المصالح الفلاحية الولائية و
غرقة الفلاحة, في توجيه و نصح الفلاحين, أي بلغة أخرى, انتهاج سياسة فلاحية ناجعة, تسمح بتحقيق
استقرار السوق و فتح المجال للصناعات التحويلية في الميدان الفلاحي و الولوج للسوق الدولية, سياسة
تأخذ بعين الاعتبار, التقلبات المناخية التي تعيشها الجزائر , ندرة المياه و ظاهرة التصحر, مع العلم ان
النظام الواحي اصبح جد مهددا جراء الضخ المستمر وانخفاض مستوى المياه الجوفية في المناطق
الصحراوية.
ولكل ما ذكر، فعلى السلطات المعنية، إنتهاج سياسة فلاحية ترمي لتحقيق استقرار السوق وتجنب الكساد
وندرة المواد، حيث ان توفر المواد، سيفتح الباب لي ضهور صناعات تحولية وبالتالي خلق مناصب
شغل وارتفاع الناتج الداخلي الخام من جهة وايجاد حلول لمسألة توفير مياه السقي، تحسين نوعية التربة
من خلال تطوير شعبة التسميد، عضوي كان او كيمائي و في الأخير، تطوير العنصر البشري من خلال
تكوين يد عاملة مؤهلة و تعزيز البحث العلمي، و باتباع هذه التوصيات و بفضل الله تعالى، ستتمكن
الجزائر من تفادي الازمات المتكررة.
خليل بن عبيد
عضو المجلس الوطني ورئيس لجنة الفلاحة في المجلس العلمي لجيل جديد