الاتفاقية الفرنسية الجزائرية لعام 1968: أداة سياسية مفرغة من مضمونها

الاتفاقية الفرنسية الجزائرية لعام 1968: أداة سياسية مفرغة من مضمونها

Temps de lecture : 3 minutes

اتفاقية 1968 الفرنسية الجزائرية تثير الجدل في المشهد السياسي الفرنسي

تم وضع مسألة اتفاقية 1968 بين فرنسا والجزائر في صلب النقاش السياسي الفرنسي، حيث تم تناولها خلال اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الهجرة في “ماتينيون”، اليوم الأربعاء 26 فبراير. وقد جمع رئيس الوزراء، فرانسوا بايرو، تسعة من وزرائه حول الطاولة، واختتم الاجتماع بتأكيده أن فرنسا “ستطلب من الحكومة الجزائرية إعادة النظر في مجمل الاتفاقيات”.

زوهير رويس، نائب رئيس حزب جيل جديد، يندد بـ”مناورة سياسية” تهدف إلى إخفاء فشل الساسة في معالجة المشاكل الحقيقية للمجتمع الفرنسي. ووفقًا له، فإن هذه الاتفاقية، التي “تم تفريغها من محتواها”، تُستخدم كأداة “لإثبات الوجود في مشهد سياسي مدمر ومفتقر للحيوية”.

اتفاقية تم تفريغها تدريجياً من مضمونها

يؤكد زهير رويس أن اتفاقية 1968، التي وُضعت في الأصل لتسهيل هجرة العمال الجزائريين للمساهمة في إعادة إعمار فرنسا، تعرضت مع مرور السنوات لتعديلات متتالية أضعفتها بسبب السياسات المتبعة من قبل الحكومات المتعاقبة. ويضيف: “مع صعود الأفكار اليمينية المتطرفة، أصبحت هذه الاتفاقية ورقة سياسية تُستخدم من قبل اليمين في النقاشات حول الهجرة في فرنسا”.

وأشار إلى أن الاتفاقية خضعت لثلاثة تعديلات (1985، 1994، 2001) قامت بمواءمة أحكامها مع القوانين العامة للهجرة في فرنسا، مما جعل وضع الجزائريين أقل تفضيلاً مقارنة بالمهاجرين الآخرين من خارج الاتحاد الأوروبي. ويؤكد: “في الواقع، منذ أكثر من 30 عامًا، أصبح وضع الجزائريين في فرنسا أقل تفضيلًا من غيرهم من الأجانب غير الأوروبيين”.

خصوصيات متبقية بدون تأثير جوهري

على الرغم من هذه التعديلات، لا تزال هناك بعض الاستثناءات، مثل حرية الاستقرار للتجار، وإمكانية الحصول بسرعة أكبر على تصريح إقامة لمدة عشر سنوات للأزواج وأولياء الأطفال الفرنسيين.

ويُمكن للجزائريين طلب شهادة إقامة لمدة عشر سنوات بعد ثلاث سنوات من الإقامة، مقابل خمس سنوات في القوانين العامة، ولكن بشرط توفر موارد مالية كافية.

مع ذلك، يوضح رويس أن الجزائريين محرومون من بعض الامتيازات التي جاءت بها القوانين الفرنسية الأخيرة حول الهجرة، مثل بطاقة الإقامة متعددة السنوات الخاصة بـ”جواز السفر الموهبة” أو بطاقة الإقامة الخاصة ببرنامج التنقل للطلاب، حيث لا يوجد ما يعادلها في الاتفاقية الفرنسية الجزائرية.

بالإضافة إلى ذلك، إذا أراد الطالب الجزائري الحاصل على شهادة إقامة بصفة “طالب” العمل في فرنسا، فعليه طلب تصريح عمل مؤقت، ولا يُسمح له بالعمل لأكثر من 50٪ من ساعات العمل السنوية القانونية في القطاع أو المهنة المعنية، مقابل 60٪ للجنسيات الأخرى.

ويصر نائب رئيس جيل جديد على أن هذه الأحكام “لا تعني بأي حال من الأحوال تدفقًا هائلًا للمهاجرين الجزائريين نحو فرنسا، كما يحاول البعض الإيحاء به لأغراض سياسية!”، مضيفًا: “على عكس ما يُروّج له، فإن إلغاء اتفاقية 1968 لن يغير شيئًا في تدفقات الهجرة نحو فرنسا”.

كما يُذكر بأن قرارات “الترحيل الإجباري من الأراضي الفرنسية” (OQTF) ليست مشمولة في هذه الاتفاقية، وبالتالي تُطبق على الجزائريين مثل غيرهم من الأجانب.

“مشروع كراهية مقنع”

يرى زهير رويس أن إثارة الجدل حول اتفاقية 1968 يُعبر عن “إحباط سياسي غير معلن” ويمثل “مشروع كراهية موجه ضد الأجانب والفرنسيين من أصول مهاجرة”. وهو لا يستهدف فقط الأجانب المقيمين بشكل قانوني في فرنسا، بل أيضًا الفرنسيين من أصول عربية ومسلمة، وخاصة الفرنسيين من أصول جزائرية والمواطنين الجزائريين.

ويُدين رويس بشدة أولئك الذين “يحركون شبحًا فارغًا من مضمونه على أمل البقاء سياسيًا في مواجهة تصاعد اليمين المتطرف”، مؤكدًا أنهم “يساهمون في نشر شعور عميق برفض الآخر داخل المجتمع الفرنسي”.

نحو إعادة تفاوض براغماتية

أمام هذه التطورات، يدعو نائب رئيس حزب جيل جديد إلى إعادة التفاوض بشأن الاتفاقية من أجل تكييفها مع تطورات الهجرة الجزائرية. ويقترح “الإبقاء على الأحكام المتعلقة بالتسوية القانونية عبر قاعدة العشر سنوات من الإقامة، مع إدراج تدابير جديدة تشمل الأحكام العامة الخاصة بالتسوية عبر العمل”.

كما يدعو إلى حوار ثنائي “بعيدًا عن المزايدات، وعن الخطابات الشعبوية التحريضية التي تغذي الكراهية”.

وبينما تعلن الحكومة الفرنسية نيتها “إعادة النظر في جميع الاتفاقيات” مع الجزائر، يبدو أن الجدل حول الهجرة لا يزال مفتوحًا على مصراعيه، بينما تقدم مواقف مثل تلك التي يعبر عنها حزب جيل جديد رؤية أكثر توازناً وواقعية لهذه القضية المعقدة.