الأولى

تصعيد بين الجزائر وفرنسا : عمليات طرد وتوقيف

Temps de lecture : 2 minutes

هل نحن على أعتاب تصعيد جديد بعد إعلان باريس عن قرار السلطات الجزائرية طرد 12 موظفًا فرنسيًا، من بينهم بعض العاملين في وزارة الداخلية، كرد فعل على توقيف ثلاثة رعايا جزائريين في فرنسا؟

للأسف، بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر، كنا جميعًا نأمل في عودة العلاقات إلى مجراها الطبيعي. لكن يبدو أننا ندخل في دوامة جديدة. من وجهة نظري، أصبحت العلاقة الجزائرية-الفرنسية تُستغل بشكل واضح من قبل بعض الأطراف السياسية في فرنسا. وهذا بات جليًا بشكل متزايد، إذ من المستغرب أن يتم إحياء قضية تعود لعام مضى، دون أن يكون لها أساس جدي. الشخصيات المعنية معروفة جيدًا في الجزائر، ولا تتمتع بأي مصداقية كمعارضين سياسيين. للأسف، تم تضخيم هذه القضية بشكل مبالغ فيه.

الهدف من ذلك يبدو بوضوح سياسيًا بحتًا، يتجاوز الخلافات الحقيقية والموضوعية التي قد تكون موجودة بين الجزائر وفرنسا. من الواضح أن هناك العديد من الملفات العالقة، وأن الطرفين يمكن أن يوجها انتقادات لبعضهما البعض. غير أن مثل هذه الخلافات يجب أن تُعالج بعيدًا عن الأضواء الإعلامية التي لا تزيد الأمور إلا تعقيدًا. لا الشعب الفرنسي ولا الشعب الجزائري يخرج رابحًا من هذا الوضع.

تقول إن هذه الأمور يجب أن تُحل بعيدًا عن الإعلام. ماذا تقصد بذلك؟

في كل مرة يُحاول فيها الطرفان التهدئة، يظهر عنصر جديد يعيد إشعال التوتر. هذه المرة، وبكل صدق، ومن دون تبني مواقف أيديولوجية أو قومية، أشعر أن الطرف الفرنسي لا يتصرف بشكل متناسق. القضية الأخيرة لا تملك أي جدية: التهم الموجهة لأحد أعضاء القنصلية مبهمة للغاية، وهذه القصة حول “اختطاف مزعوم” قبل عام عادت للظهور فجأة. هناك الكثير من التناقضات في هذه القضية.

عندما تتحدث عن “الطرف الفرنسي”، هل تشير إلى وزارة الداخلية، وزارة الخارجية، أم كلاهما؟ ومن يبدو أكثر ميلاً للتهدئة؟

قضية “الاختطاف والاغتيال المزعوم” غير متماسكة. الشخص المعني صرّح بأنه أُفرج عنه بعد 24 ساعة دون أن يصيبه مكروه. إعادة فتح هذا الملف من قبل جهاز الاستخبارات الداخلية الفرنسي (DGSI) يعني أن وزارة الداخلية هي الطرف المتورط. ومع ذلك، فإن هذا النوع من القضايا يجب أن يُناقش في الإطار الدبلوماسي البحت، بين الرؤساء ووزراء الخارجية. ليس من صلاحيات وزارة الداخلية التدخل في هذا المجال.

هل تعتقد أن الحكومة الجزائرية مستعدة للتهدئة؟

الحكومة الجزائرية استجابت بشكل إيجابي للمبادرات التي أطلقها الرئيسان. وقد استقبلت الجزائر وزير الخارجية الفرنسي بشكل طبيعي، وكانت البيانات الصادرة بعد الزيارة مليئة بالتفاؤل. الرئيس الجزائري نفسه تحدث عن “مرحلة جديدة”. الجزائر وافقت على عدم إثارة موضوع الصحراء الغربية، رغم أنه كان في الأصل سبب الخلاف. إعادة فتح ملف قديم لتأجيج التوتر لم يكن قرارًا موفقًا.

هل يمكن أن تصل الجزائر إلى حد طرد 12 موظفًا فرنسيًا في حال استمرار الأزمة؟

لا يمكنني التنبؤ إلى أي مدى ستذهب الجزائر، لكن من الواضح أن هناك جرحًا مفتوحًا. الجزائر ترفض أن تكون ورقة في السياسة الداخلية الفرنسية. هناك فجوة واضحة بين جزء من اليمين الفرنسي المقرّب من أقصى اليمين، وبين حكومة إيمانويل ماكرون. التوترات بين البلدين لا يجب أن تُستخدم كأداة انتخابية.

هل يمكن القول إننا عدنا إلى نقطة الصفر؟

بل الأمر أخطر من ذلك. ممثل عن السفارة الجزائرية في فرنسا معتقل حاليًا بناءً على شبهات غير واضحة، رغم تمتعه بالحصانة الدبلوماسية. هذه خطوة استفزازية بامتياز. يُطلب من الجزائر شكل من أشكال الخضوع، وهو أمر غير مقبول. ومع ذلك، بذلت السلطات الجزائرية جهودًا كبيرة لتجاوز إرث الماضي، لكن هذا الماضي لا يزال يطارد النقاش السياسي في فرنسا.

هذه المقابلة هي تفريغ لتصريح رئيس الحزب الدكتور سفيان جيلالي لراديو أورينت.

 

قابة

Recent Posts

توتر العلاقات بين فرنسا والجزائر: تحليل الأسباب وآفاق المستقبل

بعد يومين فقط من الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره…

أسبوعين ago

الطبقة السياسية الفرنسية تواجه مصيرها!

الطبقة السياسية الفرنسية تواجه مصيرها! تتكون الحكومة الفرنسية اليوم من الخاسرين في الانتخابات التشريعية الأخيرة،…

4 أسابيع ago

بين الانضباط الاقتصادي والتدخل المفرط

تأثير قرارات وزارة التجارة على استيراد الموز وأسعار الفواكه في الجزائر أصدرت وزارة التجارة الخارجية…

4 أسابيع ago

بيان تعزية

في ذكرى يوم النصر، تلقينا ببالغ الحزن والأسى نبأ استشهاد المقدم الطيار في القوات الجوية…

1 شهر ago

قرارات غريبة

  بعد إنعقاد مجلس الوزراء الأخير, بتاريخ 09 مارس 2025 و تذكروا جيدا هذا التاريخ,…

1 شهر ago

الاتفاقية الفرنسية الجزائرية لعام 1968: أداة سياسية مفرغة من مضمونها

اتفاقية 1968 الفرنسية الجزائرية تثير الجدل في المشهد السياسي الفرنسي تم وضع مسألة اتفاقية 1968…

شهرين ago