الجالية الجزائرية: ساعة الحقيقة… ولمن؟

الجالية الجزائرية: ساعة الحقيقة… ولمن؟

Temps de lecture : 3 minutes

الجالية الجزائرية: ساعة الحقيقة… ولمن؟

بقلم: زهير رويّس
نائب رئيس حزب جيل جديد

المقال الافتتاحي لجريدة كريزوس بعنوان «الجالية الجزائرية: لقد دقت ساعة الحقيقة» الصادر في 13 أوت 2025، كان له على الأقل فضل فتح النقاش. لكن الإفراط في التنديد جعله ينسى التحليل، وكثرة توجيه أصابع الاتهام جعلته يغفل عن البحث في مصدر المسؤوليات الحقيقية.

نعم، الجالية الجزائرية، رغم عددها ومؤهلاتها وقوتها الواضحة، تعرف تناقضات. نعم، هي متعددة، مشتتة، وأحياناً غير منظمة. لكن، لا، هي لا تتحمل وحدها وزر فشل جماعي. تحميلها وحدها مسؤولية اختلالات ناتجة عن نصف قرن من غياب سياسة عمومية متماسكة تجاه الجزائريين في الخارج ليس فقط ظلماً، بل غير صحيح من الناحية الواقعية.

فالسلطات الجزائرية، وباختيار سياسي صريح، أرادت دوماً جالية صامتة وغير مؤثرة.

منذ عقود، لم يتم مرافقة الجالية الجزائرية ولا استشارتها ولا حتى اعتبارها قوة يمكن إدماجها في استراتيجية وطنية. لم يُنظر إليها يوماً كرافعة قوية كافية للدفاع عن حقوقها في بلدان الإقامة، حتى تكون في المقابل قوة تعبئة لخدمة المصالح السياسية والاقتصادية للجزائر. لم يتم استدعاؤها إلا مع اقتراب الانتخابات، لملء الصناديق أكثر من إسماع صوتها.

ولفترة طويلة، تم تجاهل الجزائريين المقيمين في الخارج، رغم ما يحملونه من كفاءات، إن لم نقل ازدراؤهم. حتى وصل الأمر إلى سن قوانين تستبعدهم من عدد من الوظائف والامتيازات، ما خلق فئتين من المواطنين الجزائريين.

ومع ذلك، فالتاريخ يشهد: لولا الجالية لما كان للاستقلال الوطني نفس المآل. فقد كان الدعم المالي واللوجستي للجزائريين المقيمين بفرنسا وأوروبا وخارجها أساسياً. ومؤخراً، أثناء الحراك، خرج آلاف الجزائريين في الخارج للتظاهر، وتنظيم حملات تبرع، وإنتاج محتويات، وحمل صوت الشعب إلى وسائل الإعلام الدولية.

كما أن تضامنهم لم يتخلف يوماً في مواجهة الكوارث الطبيعية: فيضانات، زلازل أو جائحة كوفيد-19. فمن ذا الذي لا يزال يشك في قدرتهم على التعبئة في خدمة الجزائر؟ ومع ذلك، هناك من لا يتردد في التشكيك في وطنيتهم.

اتهام الجالية بأنها «تتذمر» من أسعار التذاكر أو من ظروف الجمارك، هو تجاهل لحقيقة أن هذه الانتقادات تكشف نظاماً مغلقاً وغير ملائم. والسوق السوداء للعملات أوضح دليل على ذلك. فهي ليست حادثاً عرضياً ولم تخترعها الجالية الجزائرية.

كما يُلام على الجالية أنها لا تزن سياسياً حيث تعيش. لكن، هل تم تحفيزها وتشجيعها على ذلك؟ في غياب الدعم والإصغاء والإطار المناسب، تفتتت وتشرذمت.

بدلاً من التساؤل عما لا تقوم به الجالية، حان الوقت للتساؤل عما لم يُرِدْهُ يوماً النظام أن يقوم به.

فالجزائر لم ترد قط جالية منظمة وذات تأثير.

منذ الاستقلال، لم يتم وضع أي استراتيجية متماسكة ودائمة لبناء جالية فاعلة كقوة نفوذ في الخارج. ولم يتم أبداً تعبئة الشبكة الدبلوماسية فعلياً لخدمة هذا الطموح الاستراتيجي.

ومع ذلك، فإن الإمكانيات هائلة: نتحدث عن أكثر من 7 ملايين جزائري يعيشون خارج البلاد، غالباً في مناطق استراتيجية كأوروبا وأمريكا الشمالية أو الخليج. كثيرون منهم يشغلون مناصب رئيسية في البحث العلمي، الاقتصاد، الإعلام أو السياسة. هذه الجالية لا ينقصها لا المواهب ولا الخبرات ولا الموارد. وقد أثبتت وطنيتها في اللحظات الحاسمة من تاريخنا. فهي تمثل جسوراً طبيعية للدفاع عن مصالح الوطن، والتأثير في النقاشات الدولية، وبناء شراكات استراتيجية.

وحيث أن أمماً أخرى أنشأت لوبيات حقيقية عبر جالياتها — كالأرمن والهنود واللبنانيين والأتراك — فإن الجزائر اختارت اللا فعل. والأسوأ أن كل محاولة لتنظيم مستقل غالباً ما يُنظر إليها بريبة، كتهديد محتمل أكثر منها كفرصة. وحدها «المبادرات» الموجهة مقبولة، وفي أفق واحد ووحيد: الانتخابات.

تنظيم مخيمات صيفية لأبناء الجالية مبادرة محمودة. لكنها لا يمكن أن تخفي غياب تعبئة منظمة وواضحة لنواب من أصول جزائرية منخرطين، أو لشخصيات — رسمية أو غير رسمية — قادرة على شغل الساحة الإعلامية، أو لشبكة قوية من محامين وقانونيين من أبناء الجالية.

هذا الشبكة كان بإمكانها، لو حظيت بالأولوية، التأثير إيجابياً على السياسات الخارجية تجاه الجزائر، والدفاع عن حقوق وكرامة مواطنينا في كل أنحاء العالم، وردع الهجمات السياسية أو الإعلامية على مواطنينا وبلادنا. لكن، في غياب رؤية استراتيجية وإرادة سياسية، يبقى هذا الرصيد غير مستغل.

الدول التي فهمت أهمية جاليتها وقررت منحها الثقة، جعلت منها محركاً للتنمية ورافعة للنفوذ. أما الجزائر، فهي تحرم نفسها من هذا المكسب الاستراتيجي. لم تُوضع أي خطة متماسكة لتحويل هذا الإمكان إلى قوة فعلية.

نعم، هناك حاجة إلى مراجعة. لكن ليس فقط في صفوف الجزائريين بالخارج. إنها أيضاً ساعة الحقيقة لسلطة جامدة منذ زمن طويل، لا ترى في جاليتها سوى خزان أصوات، ولا تستطيع اليوم تحميلها وزر تقاعسها هي.