منحة العملة الصعبة: حق للمواطن أم امتياز للفئات الميسورة؟

منحة العملة الصعبة: حق للمواطن أم امتياز للفئات الميسورة؟

Temps de lecture : 2 minutes

إنّ التعليمة الأخيرة الصادرة عن بنك الجزائر، والمتعلقة بكيفيات منح العملة الصعبة المخصّصة للسفر إلى الخارج، تمثل تطورًا جديدًا في تنظيم حق الصرف وتسيير التدفقات المالية. وفي هذا الإطار، يرى حزب جيل جديد ضرورة تقديم قراءة سياسية واقتصادية مواطِنة لهذه الإجراءات، انطلاقًا من حرصه الدائم على التوازن بين متطلبات الدولة وحقوق المواطنين.

من حيث المبدأ، يثمّن حزب جيل جديد كل جهد يرمي إلى عصرنة المنظومة البنكية، وتعزيز الشفافية، ومحاربة الممارسات غير الرسمية، لا سيما من خلال تشجيع الدفع الإلكتروني والوسائل البنكية المكتوبة. وهي أهداف لطالما نادى بها الحزب باعتبارها شرطًا أساسيًا لبناء اقتصاد وطني حديث وفعّال.

غير أنّ سياق التطبيق وشروط الاستفادة يثيران جملة من التساؤلات المشروعة.

فربط الاستفادة من منحة العملة الصعبة بضرورة امتلاك حساب بنكي وإثبات قدرات مالية معيّنة، قد يؤدي عمليًا إلى إقصاء فئات واسعة من المواطنين، خصوصًا ذوي الدخل المحدود أو غير المنتظم، في ظل واقع اقتصادي لا تزال فيه نسبة معتبرة من النشاطات خارج المنظومة البنكية. وعليه، فإنّ حق المواطن في السفر، سواء لأسباب عائلية أو صحية أو علمية أو ثقافية، لا ينبغي أن يتحول إلى امتياز محصور على فئة دون أخرى.

كما أنّ المنع الكلي للدفع نقدًا يطرح إشكالية حقيقية في بلد لا يزال الانتقال فيه نحو الاقتصاد البنكي غير مكتمل، ما يستوجب اعتماد مقاربة تدريجية، مرفوقة بإجراءات مرافقة وتحسيسية، بدل فرض قيود فجائية قد تُفهم كعقوبة أكثر منها كإصلاح.

ويُسجّل حزب جيل جديد أيضًا تحفظه بخصوص بعض التدابير الزجرية، لاسيما تلك المتعلقة بحرمان المواطن من حق الصرف لمدة خمس سنوات في حال كان مقامه بالخارج أقل من سبعة أيام، وهي إجراءات قد تؤدي، إذا لم تُطبّق بمرونة وإنصاف، إلى حالات ظلم، خاصة عندما تكون مدة الإقامة القصيرة ناتجة عن أسباب قاهرة وخارجة عن إرادة المعنيين.

وبناءً عليه، فإن حزب جيل جديد يدعو إلى:

توضيح علني وشفاف لمعايير الاستفادة، تفاديًا لأي تأويل أو اجتهاد غير منضبط من طرف البنوك؛

اعتماد مرحلة انتقالية مرنة تسمح للمواطنين بالتكيف مع الشروط الجديدة؛

إطلاق سياسة وطنية حقيقية للإدماج البنكي، تقوم على تبسيط الإجراءات وبناء الثقة وحماية القدرة الشرائية؛

والتعامل مع منحة العملة الصعبة باعتبارها حقًا منظّمًا وليس امتيازًا إداريًا.

إنّ إنجاح أي إصلاح اقتصادي يمرّ حتمًا عبر كسب ثقة المواطنين، وهذه الثقة لا تُبنى إلا على أساس العدالة الاجتماعية، ووضوح القواعد، والإنصاف في التطبيق. وهو ما يجعل من إصلاح المنظومة المالية فرصة لتعزيز الثقة، لا سببًا إضافيًا للاحتقان الاجتماعي.

الدكتور لخضر أمقران

رئيس حزب جيل جديد