مشروع التعديل الدستوري يتضمن مكاسب بالنسبة للحريات الفردية والجماعية

مشروع التعديل الدستوري يتضمن مكاسب بالنسبة للحريات الفردية والجماعية

Temps de lecture : 9 minutes

أكد سفيان جيلالي رئيس حزب جيل جديد المعارض في الجزائر، أنه اختار الحوار مع السلطة لقناعته أن التعصب في المواقف لا يمكن أن يؤدي إلى الحل، وأن الذين يعتقدون أن بإمكانهم عزل السلطة من أجل إجبارها على الرحيل مخطؤون، مشيرا إلى أن الدستور الجديد يتضمن مكاسب في موضوع الحريات الفردية والجماعية، وأنه لا حل للجزائر ولا مخرج من الأزمة إلا من خلال حوار هادئ وبناء، من أجل إعادة الثقة بين الحاكم والمحكوم، وأن النظام يدرك أن هناك حاجة إلى تغيير حقيقي، وأي تقاعس عن ذلك سيعيد تحريك الاحتجاجات عاجلا أم آجلا. وفي ما يلي نص الحوار:

كيف تصف الوضع السياسي الحالي؟ هل أنت من بين الذين يرون أن هناك انسدادًا؟

من الواضح أن الجزائر تمر بأزمة سياسية خطيرة. في 22 شباط/فبراير 2019 اقتلع حراك الشعب الرئيس السابق للجمهورية وزمرته، المكونة من سياسيين ورجال أعمال عديمي الضمير أصبحوا خطرا على أمن البلاد. ثم رحل تاركا النظام السياسي في حالة انهيار، والدولة ومؤسساتها الأمنية عارية. لقد كانت الجزائر محظوظة لأن الجيش انحاز للمطالب الشعبية، وإلا لكانت واجهتنا مشاكل خطيرة. وعلى الرغم من ذلك، فإن الثقة بين الشعب والحكام لم تصل بعد إلى ما يجب أن تكون عليه. يجب أن يتغير نمط الحكم بشكل كبير، لإعادة البلاد إلى طريق سيادة القانون والديمقراطية. هذا هو تحدي الرئيس الجديد للجمهورية. الجزائريون ينتظرون بفارغ الصبر الوعود السياسية التي قطعت لتصبح أفعالا ملموسة، وحتى ذلك الحين، تواجهنا تحديات عديدة.

 بعد أكثر من 6 أشهر من الانتخابات الرئاسية، ما هو تقييمك لهذه الفترة؟

لدي شعور بأننا تجنبنا الأسوأ، لكن “بيت” الجزائر لا يزال في حالة فوضى عارمة. من الواضح أن السنوات الأخيرة من حكم بوتفليقة كانت كارثة. لم يكن الافتراس والتربص بخيرات البلاد وأموالها في ذروته فحسب، بل إن فقدان السيادة بدأ في التأثير على مستقبلنا، وأيضا تخلى النظام السابق عن إدارة الدولة. وقد بلغ استخدام وتوظيف الجيش والأجهزة الأمنية في تلك الفترة ذروته. بسبب ذلك كل شيء هش اليوم، والانطباع العام هو أن الدولة فقدت سلطتها وهالتها في المخيال الشعبي، جعل من الدولة تظهر كقوة قمع بدل أن تكون نتيجة إرادة شعبية. لقد وصلنا إلى شكل من أشكال الرفض لجميع أشكال السلطة. لقد قوض الظلم والحكم السيئ فكرة الحاجة إلى سلطة الدولة، كل هذا يجب إعادة بنائه. ومع ذلك، أعتقد أن مراكز صنع القرار تدرك تمام الإدراك أن النظام السياسي قد تم إشعاره بضرورة التغيير، وإلا فستعود الاحتجاجات بشكل أقوى عاجلاً أم آجلاً.

هل تتفق مع من يقول إن الوضع الحالي مشابه للوضع خلال عهد بوتفليقة؟

إن الذين يعتقدون ذلك، هم بالتحديد أولئك الذين استغلوا حقبة بوتفليقة والذين يريدون تسفيه فترة حكمه، بل وحتى تبرئة هذا النظام من كل ما جرى. لا أتفق مع هذا الطرح، من الواضح أن الجزائر في مرحلة جديدة، وهي مرحلة إعادة بناء نظام سياسي جديد. صحيح أن الدولة كانت دائماً منظمة حول المؤسسة العسكرية. هذا الأمر له علاقة بالتاريخ وكيفية قيام الدولة الجزائرية بعد 132 سنة من الاستعمار، بعد ثورة مسلحة. بناء دولة القانون يجب أن تتم مرافقته من طرف الجيش، وإلا فإننا سنهدم الدولة بشكل جذري ونتجه رأسا لتكرار النموذج الليبي. إن تركيا مثال جيد للجزائر من وجهة النظر هذه، لأنها حققت انتقالا سلسا من الصلاحيات “الملكية” إلى سلطة منتخبة من قبل الشعب. لا يزال يتعين تلبية الشروط اللازمة، بدءاً بتشكيل طبقة سياسية ذات كفاءة. إنها عملية تستغرق وقتًا، لكن يجب أن تبدأ الآن.

إذا تحدثنا عن الحريات، فهل الوضع أفضل اليوم أم أن هناك تراجعا في هذا المجال؟

في فترة يتم فيها رفض سلطة الدولة، وتشهد بروز شكل غير منظم من الثورة، لا يمكن للمرء إلا أن يتوقع محاولة فرض النظام من طرف السلطة الجديدة، والتي كان يمكن أن تكون أكثر وحشية. العديد من السياسيين والناشطين أساءوا تقدير الوضع. عندما تصل قوة جديدة إلى السلطة، فإنها تريد أولاً أ تفرض احترامها. تذكر عندما وصل بوتفليقة إلى الحكم، كانت السنوات الأولى من حكمه، مزيجا من الإغواء والوحشية في الوقت نفسه. فقد قُتل 128 شابًا في منطقة القبائل في أحداث الربيع الأسود، وقضى الصحافي محمد بن شيكو مدير صحيفة “لوماتان” عامين في السجن بسبب كتاباته. لا مجال للمقارنة بين ما كان وبين اليوم. أعتقد أن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين في 2 تموز/يوليو يبشر بالخير، ومؤشر على وجود نية للتهدئة. وهذا كان وعدا من رئيس الجمهورية. الآن، يجب أن نرى أيضا الآفاق المفتوحة أمامنا. فمشروع الدستور الجديد الذي يفترض أن يمر عبر الاستفتاء في خريف هذا العام يتضمن مكاسب فيما يتعلق بالحريات الفردية والجماعية. أعلم أن أهمية أي دستور لا تكون إلا بتطبيقه، لكن ذلك يمنح على الأقل ضمانات قانونية لتصبح سلاحًا في أيدي المدافعين عن سيادة القانون.

لجأت الحكومة إلى الاعتقالات لأسباب تتعلق بالرأي، والبعض ينطلق من ذلك ليقول إنه لم يتغير شيء. هل تتفق مع هذا الطرح؟

داخل الحراك، اتخذت موقفا وسطا، وهو القبول بالحوار مع السلطة الجديدة. يعتقد البعض الآخر أن هذه الأخيرة ضعيفة، وأنها فرصة لإجباره على المغادرة بدون تنازلات. ومع ذلك، يتذكر الذين عاشوا فترة التسعينيات، كيف أن حزبا سياسيا اعتقد أن بإمكانه الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح. هذا الموقف الراديكالي جعل سقف العارضة مرتفعا للغاية، وحول المختصون في الاضطرابات اهتمام الرأي العام نحو الأوهام. وكما هو الحال دائمًا، فإن الشباب، المتأثرين بالشبكات الاجتماعية، يجدون أنفسهم في الخط الأمامي للمواجهة. اليوم، أُفرج عن غالبية سجناء الرأي. أعتقد أنه ينبغي اتباع سياسة أكثر مرونة في المستقبل، والتخفيف من حدة التوترات، وتحرير الحناجر، والدخول في حوار مفتوح. هذه هي المكونات الحقيقية لسلام اجتماعي نحتاجه، يضمن نجاحا مؤكدا للإصلاحات السياسية.

التقيت بالرئيس عبد المجيد تبون كيف وجدته؟

التقيت بالرئيس المرة الأولى مباشرة بعد انتخابه وبناءً على طلبه. لقد طور رؤيته لإنهاء الأزمة ووضع برنامجا سياسيا لإصلاح الدولة، وقدمت بعدها تقريرا مطولا للصحافة حول هذا اللقاء. أما المرة الثانية فكانت في نهاية أيار/مايو الماضي، وكان ذلك بناء على طلبي. سألته عن تدابير التهدئة التي وعد بها، فأكد لي الرئيس أنه سيتصرف ضمن صلاحياته لإطلاق سراح نشطاء الحراك، بمن فيهم شخصيتان سياسيتان معروفتان (كريم طابو، وسمير بلعربي). في المقابلتين، بدا الرئيس مرتاحًا للغاية وعازمًا على المضي قدمًا في تنفيذ برنامجه.

هل أثرتم موضوع جميع المعتقلين السياسيين، علما أنك أعلنت أن الرئيس وعد بالإفراج عن كريم طابو وسمير بلعربي؟ لماذا هذين الاسمين فقط؟

كانت الخطوة التي اتخذتها نيابة عن حزبي، جيل جديد، تتعلق بجميع السجناء السياسيين. تعهد الرئيس بالعمل على إطلاق سراحهم، وأعطاني اسمين فقط. ربما كانت لديه معلومات دقيقة عن هذين الملفين، أو ربما لأنهما كانا أشهر من كانوا في السجن؟ لست في وضع يسمح لي بالإجابة على هذه الأسئلة، التي هي ليست مسؤوليتي في النهاية. عملت كسياسي لتعزيز مناخ الحوار بهدف الخروج من أزمة إجماع. أعتقد أن الرئيس رأى أيضاً في ذلك فرصة لإرسال رسالة إلى الطبقة السياسية يخبرهم فيها أن الحوار يمكن أن يأتي بالحل، عندما يكون ميزان القوى عقيما. اليوم هاتان الشخصيتان بالإضافة إلى العديد من الأسماء الأخرى حرة. الرئيس وعد ووفى!

أثارت تصريحاتك بعد هذا اللقاء جدلا كبيرا؟ كيف ترى ذلك، هل هو مبرر؟

-لا، هذا غير مبرر على الإطلاق من وجهة نظري. كما تعلمون، ينقسم الحراك بشكل أساسي إلى اتجاهين ثقيلين. أحدهما أراد العودة بأسرع ما يمكن إلى “حياة مؤسساتية” (العودة إلى مؤسسات منتخبة) مع تغييرات متفاوض عليها، والتيار الثاني أراد محاربة الأول من خلال المطالبة برحيل “النظام” برمته، كشكل من أشكال استسلام السلطات المدنية والعسكرية الحالية. هذا الجزء من الحراك ينظر بعين السوء إلى حزب سياسي معارض سبقه إلى الاحتجاج، وقبل الدخول في حوار تعرضت إلى الهجوم بشكل ممنهج، أولاً، لأنني متهم حسبهم بأنني تخليت عن المعتقلين، ثم بمجرد أن أعلنت أني طالبت بالإفراج عنهم وأن ذلك سيتم قريبا، زادت الهجمات بشراسة على أساس أنه ليس لدي الحق في التدخل في شؤون القضاء. يؤسفني أن أقول ذلك، لكن كل الذين أرادوا “الثورة” احتاجوا إلى شخصيات مسجونة لتعبئة الرأي العام الرافض. لقد أصبح المعتقلون سجلا تجاريا، وبالتالي لم يقبلوا الإفراج عنهم بهذه الطريقة. اعترف معلق تلفزيوني مشهور بأن إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين يعني له وفاة الحراك. كانوا يُنظرون إلى جيل جديد على أنه معرقل لسير الأمور بالطريقة التي يريدونها. كان منطقهم هو عزل السلطة، ودفع الحراك إلى التمرد، للاستفادة من الأزمة المالية والاقتصادية لإسقاط “النظام” بأكمله. ثم رأوا في جيل جديد حبة الرمل التي عطلت الآلة!

هل أثرت قضايا أخرى مع الرئيس؟ وما هي هذه المواضيع؟

خلال اللقاءين مع الرئيس، كانت لدينا نظرة عامة وواسعة على قضايا الساعة. لقد ناقشنا الدستور والاستحقاقات السياسية، والقضايا الاقتصادية الحالية، وحتى بعض قضايا السياسة الخارجية. كنت قد ذكرت ذلك على نطاق واسع في المقابلات الإعلامية.

هناك حاليا مسودة دستور جديد طرحها الرئيس تبون، هل تؤيد التعديلات المقترحة؟

عموما، يلبي مشروع الدستور رغباتنا التي تم طالما تم رفضها. هناك ضمانات أفضل للحريات بشكل عام، وإعادة للتوازن بين السلطة التنفيذية، بين رئيس منتخب بالاقتراع العام وحكومة مشكلة من أغلبية برلمانية، كما أن الدستور الجديد يفقد الرئيس صلاحية والسلطة التشريعية الممنوحة له بموجب الدستور الحالي. هناك جهد فيما يتعلق باستقلالية القضاء، وقبل ذلك، إنشاء سلطة انتخابية مستقلة عن الإدارة. والنقطة السلبية هي إمكانية إعطاء نائب رئيس يعينه رئيس الجمهورية، الفرصة ليحل محله حتى نهاية ولايته في حالة شغور منصبه. هناك مسألة مبدأ، بالنسبة لنا، لا يمكن القبول بوصول شخص إلى كرسي الرئاسة، لإنهاء ولاية انتخابية لا علاقة له بها. لقد اقترحنا إلغاء هذه المادة.

هل تعتقد أن هذا المشروع يلبي مطالب الحراك؟

ليس لدى الحراك خطة واضحة. مطالبه تلخصت في مسألتين أساسيتين: الرحيل غير المشروط لنظام بوتفليقة وتغيير نظام الحكم. لكن كيف الوصول إلى هذا الهدف، بأي وسيلة وبأي طرق؟ كل هذه الأسئلة تبقى بدون إجابة. الأمر متروك للطبقة السياسية للتفكير وإيجاد الحلول. إن نظام بوتفليقة خارج اللعبة الآن، ومشروع الدستور الجديد يستجيب جزئياً لتطلعات تجديد الحكم. ومع ذلك، لا يمكن لأحد أن يتوقع تغييرا جذريا وفوريا. هذا لا يمكن تحقيقه في السياق الحالي. حاليا لا يوجد بديل جاهز لتولي قيادة البلاد.

هل تعتقد أن الحراك سيعود بعد فيروس كورونا؟

-لا أدري إن كان سيعود في شكل مظاهرات يوم الجمعة. ومع ذلك، فإن روح الحراك ستظل موجودة لفترة طويلة قادمة. إدراج اللجنة الفنية لصياغة مشروع الدستور في الديباجة ليس اعتباطيا. سيكون الحراك علامة فارقة في تاريخ البلاد المعاصر، وسيؤثر بعمق على مسار الأحداث السياسية المقبلة.

إذا كانت لديك ملامة تجاه الحراك فما هي؟

-ليس لدي شيء ألوم الحراك عليه. أنا جزء لا يتجزأ منه. من ناحية أخرى، أعتقد أن جزءا من النخبة التي أرادت الاستيلاء على الحراك، في عمل قد يكون مشروعا، فشلت في مهامها. لأنها أساءت تقدير الوضع، فبدلاً من التفكير في أن تدخل في حوار عندما كانت قوة الحركة الشعبية في ذروتها، اختبأت وراء شعارات شعبية عقيمة. كان شهر تموز/يوليو 2019 نقطة تحول. وبينما سعت الحكومة إلى أرضية مشتركة مع المعارضة، رفض معظم أعضائها مسؤولية حمل المطالب. أرادت الحكومة تنظيم لجنة حوار تتكون بشكل أساسي من الحراكيين والمجتمع المدني والجامعيين. لسوء الحظ، بعد أولى الانتقادات، تخلوا عن مهمتهم، ولجأوا إلى الاختباء وراء شعبوية مؤسفة. لا أظن أن هذه هي الطريقة المثلى للتعامل مع أزمات سياسية بهذا الحجم.

هل عدم تقديم الحراك لممثلين له، سواء كان غير قادر أو غير راغب، دليل على القوة أو الضعف؟

-أعتقد أن مجرد التفكير في تقديم ممثلين له، كان فكرة خيالية. لقد كانت حركة شعبية كبيرة جدا. وكان الشارع يموج بكل الميول الإيديولوجية، وجميع الطبقات الاجتماعية، وكل التناقضات الطبيعية لمجتمع متغير. لقد طالبنا مرارا الوجوه البارزة في الحراك، بالالتحاق سواء أحزاب سياسية أو جمعيات متعددة، بدلا من الرغبة في إنشاء شكل حزبي واحد أو كيان على شاكلة “الجماهيرية الليبية”. في النهاية، بقي النشطاء مثل الذرات المستقلة، وعادت النضالات الأيديولوجية إلى الظهور. الحل بالنسبة لي هو العودة إلى صناديق الاقتراع. سوف يتحول الحراك إلى هيئة انتخابية، وسيعطي بعد ذلك تمثيلًا أمينًا لرسم الخرائط السياسية. وفي رأيي حجر الزاوية في هذا التطور هو السلطة المستقلة لإدارة الانتخابات، والتي يقترحها الدستور الجديد أيضًا. إذا كانت الانتخابات المقبلة نزيهة وبدون تلاعب، فسوف توضع الجزائر على مسار الديمقراطية وسيادة القانون.

ماذا تقترح لتحسين هذا الدستور الجديد؟

-في مساهمته، قدم جيل جديد سلسلة من التعديلات لتوضيح بعض الأحكام، أو إعادة توجيه الآخرين أو حتى حذفها، مثل الإجراء الذي يخص خلافة الرئيس في حالة الشغور. لقد اقترحنا تحديد آليات خاصة لتعيين رئيس الحكومة، وإعادة التوازن لعنصر المحكمة الدستورية لصالح القضاة المنتخبين، وكذلك إدخال مستوى ثان من الاختصاص في المحكمة الإدارية. سيتم نشر المستند بالكامل في الأيام القليلة القادمة.

خلال عهد بوتفليقة، برزت بمواقفك ومعارضتك لهذا النظام، اليوم هناك من يتهمك بالتفاوض على صفقة مع السلطة الجديدة؟

-في الواقع قاد جيل جديد معارضة بدون هوادة ضد نظام بوتفليقة. وعلى ضوء الفضائح المنتشرة اليوم أمام الرأي العام، والتي تنظرها المحاكم، فهل يمكن لأحد أن ينكر أننا كنا على حق في معارضة ذلك؟ لقد رفضنا الولاية الرابعة، وقاطعنا الانتخابات التشريعية والمحلية لعام 2017 لأنها كانت عملية توزيع الحصص لعملاء بوتفليقة. لقد دمجنا العديد من النشطاء داخل حركة مواطنة، بداية من صيف 2018. ثم قدنا مظاهرات في عدة مدن في الجزائر، وحتى في الخارج على الرغم من قمع الشرطة، لرفع مستوى الوعي ضد الفترة الخامسة. لذا قمنا بعمل حراك قبل الحراك. بمجرد خروج الناس إلى الشوارع، كان هناك بروز “للثوار الجدد” الذين أصبحوا يقدمون كمتحدثين باسم حراك. أرادوا كل شيء على الفور. بالنسبة لنا، كان من الخطأ الكبير الانغماس في المزايدات. لكن في لحظات الشغف، من السهل جدًا طرد واتهام أولئك الذين لا نتفق معهم. يجب أن ندرك أيضًا أن السلطة لم تعمل على تسهيل الأمور. لقد تم خداع الجزائريين وظلمهم والتلاعب بهم بوعود كاذبة لدرجة أنهم لم يعودوا يثقون بشيء أو بأحد، لذا يصبح الحديث مع من هم في السلطة شكلاً من أشكال الغدر في الخيال الشعبي. إن خرق الثقة بين الحاكم والمحكوم أمر خطير للغاية. في هذا السياق، يصبح الحوار المفتوح مع السلطات موضوعاً للمضاربة والشك. لكنني ما زلت مقتنعا أنه بعد العاصفة، ستهدأ النفوس وسيعود الوضوح والحكمة. ليس هناك من سبيل آخر غير الحوار والسلم الاجتماعي. لقد عانى الجزائريون كثيراً من صراعات العشرية الحمراء، وليسوا مستعدين للعودة إليها مرة أخرى.

هل سيدخل جيل جديد الحكومة قريبا؟

-هذا الموضوع ليس مدرجا في الأجندة الخاصة. أمامنا جدول زمني واضح. أولا الاستفتاء على الدستور الجديد. ثم، إذا وافق الجزائريون على الدستور الجديد، فسنذهب إلى الانتخابات التشريعية. بناءً على نتائجنا والتشكيل السياسي الناتج عنها، ستثار مسألة الحكومة. لذا من السابق لأوانه التفكير في الأمر، ناهيك عن اتخاذ أي قرارات.

الأزمة الاقتصادية تتفاقم يوما بعد آخر، هل أنت راض عن السياسات الاقتصادية للحكومة الجديدة؟

-في الوقت الحاضر لدي انطباع بأن الحكومة تتخلص من الأمور العاجلة. وهذا لا يعني أنها تفتقر إلى الأفكار، ولكن ليس لديها شرعية شعبية لإجراء إصلاحات حقيقية. البرلمان الحالي يفتقد إلى المصداقية، لأنه ينتمي إلى عهد بوتفليقة، وبالتالي لا يمثل الإرادة الشعبية، ولا روح الحراك. الإصلاحات الاقتصادية الحقيقية تتطلب دعم الشعب. لهذا السبب سيكون من الضروري بروز حكومة قوية تنبثق عن الانتخابات التشريعية المقبلة لمواجهة الصعوبات القادمة. على أي حال، أشفق على أولئك الذين سيكونون جزءًا منها!

هل تعتقد أن الجزائر ستلجأ إلى الديون الخارجية لمواجهة الأزمة؟

لا تزال الجزائر تحتفظ ببعض الاحتياطيات المالية لهذا العام والعام المقبل. سيعتمد 2022 على مستوى سعر المحروقات، ولكن أيضًا على العديد من العوامل الأخرى. إذا كان الوضع السياسي مستقراً، وتم تشجيع سياسة الانفتاح على رأس المال الخارجي، بما يخلق ديناميكية اقتصادية، فإن الجزائر ستكون قادرة على تجنب اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، التي ستكون في كل الأحوال مضرة بها. ليس أمامنا وقت كبير، هناك مساحة صغيرة للمناورة قد تسمح للجزائر بالتقاط أنفاسها. إذا سارت الأمور عكس ذلك، فإن السنوات العجاف ستكون فظيعة.

إذا تحدثنا عن السياسة الخارجية، هل أنت راض عن مواقف الجزائر الدولية، خاصة بشأن الأزمة في ليبيا؟

لقد تم تحييد الجزائر دبلوماسياً لفترة طويلة. لقد كان اختيارا متعمدا للرئيس السابق. والذي لم يكن يعرف أو يريد أن يستثمر في الملفات الدولية إلا لتعزيز مواقفه داخليا. محيط الجزائر في وضع هش للغاية، سواء في الشرق أو في الجنوب. منذ وصول الرئيس تبون، كانت هناك محاولة لتحمل الدبلوماسية الجزائرية لمسؤولياتها الدولية. لكن التأخر المسجل يجعل من الصعب لعب الأدوار القيادية. ومع ذلك، نأمل أن تسمح الصداقة الطويلة مع الشعب الليبي للجزائر بالمساهمة بشكل فعال في عودة السلام في هذا البلد. ولأن الجزائر ليست لها مصالح اقتصادية أو أيديولوجية مع أي من أطراف النزاع، يمكن أن يساعد قربها الجغرافي على استقرار الدولة الليبية. وهذا في مصلحة جميع الشركاء وأطراف هذا الصراع.

حاوره: كمال زايت

المصدر: القدس العربي

سفيان جيلالي رئيس حزب جيل جديد المعارض في الجزائر: مشروع التعديل الدستوري يتضمن مكاسب بالنسبة للحريات الفردية والجماعية