استفتاء 01 نوفمبر: مجازفة أو فرصة للتغيير؟

استفتاء 01 نوفمبر: مجازفة أو فرصة للتغيير؟

Temps de lecture : 4 minutes

المستجدات *بقلم زهير رويس

عشرون شهر بعد بداية الحراك. الجزائرين مدعوون للاستفتاء على مشروع تعديل الدستور قدما على أنه إستجابة للمطلاب الحراك. مشروع من المفروض ان يكون فرصة من اجل الأخذ بدروس الماضي القريب وإقامة دولة القانون، يحمل في طياته بعض من المواد التي يمكن اعتبارها تقدم حقيقي في المجال الديمقراطي واخرى اقل.

مالذي يحتويه النص إذا؟

المواد التي تمثل تقدما حقيقيا في مجال الديمقراطية و حرية التعبير والتي لا يمكن إنكارها:

– حرية التجمع، التظاهر، تكوين جمعيات، جرائد فقط بتصريح.

– تقوية حرية التعبير و حقوق بإدماج الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 في الديباجة بالاضافة على التأكيد على حماية حقوق المرأة الجزائرية و المساواة بين المواطنين بمن فيهم الجالية المقيمة في الخارج. حرية المقاولة و كذا حرية الصحافة.

– دسترة  الأمازيغية و اعتبارها لغة وطنية رسمية

– إضافة الحراك في ذيباجة الدستور و اعتباره تعبير عن إرادة المواطنين في التغيير و إنشاء دولة القانون.

– بداية استقلالية العدالة من خلال تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء حيث غالبية أعضائه منتخبة من طرف القضاة أنفسهم، في حين تعود رئاسة المجلس لرئيس المحكمة العليا.

– أيضا المحكمة الدستورية ،حيث نصف أعضائها منتخبون

– إرادة حقيقية في تجديد مؤسسات الدولة مع اشراك فئة الشباب عن طريق تحديد العهدات النيابية.

– مواد أخرى من شانها تعزيز دور البرلمان ( مراقبة الحكومة و مساءلة الوزراء) بالخصوص في حالة التعايش المزدوج

مع هذا، هنالكً مواد تعتبر و بصراحة محبطة خاصة منها تلك التي تمس بتوازن السلطات والمتتعلقة بالصلاحيات الواسعة لرئيس الدولة لانها ليست في اتجاه تحقيق مبدأ دولة القانون. كان على محرري مسودة الدستور أن يكونو اكثر جرأة،  خاصة بما يتعلق صلاحيات رئيس الحكومة و استقلالية القضاء. على ما يبدو أن هذا هو القدر الأقصى لحدود هامش المناورة المتاح لهم.

مايجب ان نستنتج من هذا المشروع؟

أولًا، التأكيد على أن أي مشروع التعديل جيدًا كان أو سيئ ليس بالأمر المهم إذا لم يتم احترام النصوص. و لهذا، فانه من واجبنا العمل على فرض احترام تطبيق القوانين من طرف من هم في السلطة، من طرف الإدارة وكذلك من طرف المواطن. لابد من التأكيد أيضا على القدوة الذي يجب ان تتصف بها السلطة أثناء تنفيذها لاحكام الدستور والقوانين.

إذًا فبالإضافة للنضال من اجل ان جل دستور جيد ، يجب النضال و بقوةً من اجل احترام تطبيق النص.

الذين يرفضون مناقشة مواد الدستور بحجة انه لن يحترم من طرف النظام، على ما يبدو أنهم قد تناسو المفهوم الأسمى للنظاال العمل السياسي. فيما يخص نص الدستور فهو -وبالرغم من النقائص- يبقى احسن من الدستور الحالي اذ نلتمس في النص تقدمًا ملحوظًا و لكنه ليس بالشكل الذي نراه الأفضل.

ما يمكن ملاحظته حاليا هو أن النقاش الجاري حول موضوع الاستفتاء على الدستور يتمحور أساسًا حول ظروف إجرائه أكثر من النص بحد ذاته و المواقف أضحت متصلبة ما يجعل من نسبة المشاركة في الاستفتاء الرهان الحقيقي وليس النص.

في الأخير فان جملة من الاسئلة تفرض نفسها

  1. هل الواقع التي تشهده الساحة السياسية يسمح بضمان مشاركة عالية؟

فيما يخص الوضع السياسي فانه من الطبيعي ألا تكون نسبة المشاركة عالية. بالإضافة إلى الوضع الصحي، فان الوضع السياسي و خاصة فيما يخص مسألة الحريات و معتقلي الرأي، لم ليشجع على إقامة حوار هادئ حول التحديات الحقيقية لهذا التعديل الدستوري.

كما أكدنا على هذا في العديد من المرات في جيل جديد فالمسؤولية الأساسية تقع على عاتق السلطة. لقد تم خداع الثقة في العديد من المرات ترتب عنه فقدان شبه كامل للثقة بشكل متراكم ولعقود من الزمن.

المؤسف أن هذا العناد يصب لصالح أصحاب الشعبوية و العدمية والمواقف الهيسترية الدائمة، حيث يتم استغلالها والتشهير بها. الدافع ورائها فقط رفض كل الآليات الطبيعية لطرق الحوار والتواصل بين المواطنين و السلطة التي تكون من خلال الأحزاب السياسية.

في النهاية إنها لا تعمل على إرساء قواعد التعددية ودور الأحزاب لكن على استمرار الوضعية المهترئة مادام لا تعمل على خيار المغامرة السياسية كوسيلة وحيدة وشرعية للوصول للسلطة. في حساباتها، أفضل الطرق تمر عبر استعمال الحراك للوصول للسلطة. إذ ليس لديها أية إرادة سياسية للتغيير الفعلي و كل همهما هو تصعيد الاحتجاجات من اجل الظفر بمناصب في الوقت المناسب.

و منه هل رفض التعديلات والمقاطعته من شانها تحسين الأوضاع ؟ لدي شكوك في هذا، حتى لا أقول إني على يقين. سيخرج النظام مضعفا صحيح لكن ليس لدرجة استسلامه للأمر الواقع الذي يحاول فرضه دعاة المقاطعة. وسنكون عندها أمام حالة من الانسداد المتفاقم تضع النظام أمام خيار العودة إلى الممارسات البالية وبـ”معارضة” عدمية ولكنها محافظة على إمتيازات الهيئات الموروثة من عهد النظام البوتفليقي تنتظر بشغف تأجج الأوضاع وعودة النظام لممارساته القمعية كي تثبت انها كانت على حق. بهكذا “مناورات”، الأكيد أن حالة البلد ستعرف تعفنا غير مسبوق.

  1. ماذا سيحدث في حالة رفض مشروع الدستور من طرف الناخبين؟

– البقاء على دستور بوتفليقة 2016 المرفوض من طرف كل أطياف المعارضة.

– على صعيد السلطة السياسية، ، الأكيد أن النظام سيخرج مضعف. بالتالي على الصعيد القانوني سنبقى ضمن الصلاحيات الدستورية والنظام الحالي سيسير وفقا للدستور المرفوض.

علاوة على ذلك ، وعلى عكس ما قد يتصوره أو يعتقده بعض الاستراتيجيين السياسيين ، فإن النظام وبسبب الرفض سيحاول العودة إلى الزبائنية المعتادة للنظام السابق. تلك الشبكات السهلة الاستعمال والتي هي في انتظار الاشارة  يعطي من خلالها لنفسه صورة من الإجماع ، فالطبيعة تخشى الفراغ. ولتحقيق ذلك ، سينظم انتخابات تشريعية على أساس الدستور الحالي وقانون الانتخابات ، وسرعان ما سنشهد عودة ظهور الشخصيات النبوذة والممارسات البغيضة التي استنكرها الحراك. وبطبيعة الحال ، فإن الأحزاب التي تدعي أنها من المعارضة ولا تزال البرلمان ستتمكن من تمديد إقامتها هناك.

في هذا السياق ، واليوم أكثر من أي وقت مضى ، يتمثل دور السياسي في تقييم الوضع بجدية وحقيقة وشفافية وإحساس بالمسؤولية والواجب تجاه الأمة. في هذه الحالة دورها هو عرض النص الدستوري بايجابياته وسلبياته وتنوير الرأي العام حول قضايا العصر والفرص والمخاطر حتى يتمكن الجزائريون بعد أن استعادوا مواطنتهم لصالح الحراك ، والتعبير عن رأيهم بكل شفافية وباطلاع كامل على الأمور!

وهذا ما يفعله جيل جديد من دون وصاية على المواطنين وبدون ادعاء ولكن بثقة في مستوى نضج الجميع.

*نائب رئيس جيل جديد

استفتاء 01 نوفمبر: مجازفة أو فرصة للتغيير؟