بيان مشترك: جيل جديد – الأرسيدي – حزب العمال

بيان مشترك: جيل جديد – الأرسيدي – حزب العمال

Temps de lecture : 3 minutes

نحن، الأحزاب السياسية الموقعة أدناه، إحساسا بروح المسؤولية وتمسكا بمصالح بلادنا، قررنا مع إحترامنا لإختلاف برامجنا توحيد جهودنا لتحذير الرأي العام من تطور تشريعي وسياسي والذي نعتبره مؤذيا ببلادنا وبالأجيال الصاعدة.

يتعلق الأمر بالقانون الجديد المتعلق بالأنشطة المنجمية الذي صادقت عليه غرفتي البرلمان في وقت كانت الاحتفالات بالذكرى الـ 63 للاستقلال الوطني جارية.

ينتابنا قلق عميق إزاء هذا التغير الجذري والعنيف في التوجه الذي يحكم قطاع المناجم، كونه يتعارض مع المصالح الوطنية.

فعلا، القانون الجديد يلغي الطابع الاستراتيجي لهذا القطاع كما يلغي سيادة الدولة المجسدة في قاعدة 51/49، التي كانت قد كرست فتحا جزئيا للقطاع في سنة 2014 في إطار إعادة تأميم المناجم بعد 13 سنة من النهب الأجنبي. إلا أن القانون الجديد يُخرج قطاع المناجم من الملكية الجماعية للأمة رغم كونها غير قابلة للمساس مثلما هو منصوص عليه في المادة 20 من الدستور. من هنا فصاعدا ووفقا لهذا القانون الجديد، سيتم استغلال المناجم على أساس الشراكة التي تمنح من خلالها نسبة تصل إلى 80% من الأسهم لصالح الشركاء الخواص الأجانب، في حين لا يمكن للطرف الجزائري العمومي امتلاك سوى 20% من الأسهم. كل هذا في إطار عقود امتياز مدتها 30 سنة قابلة للتجديد والتنازل والرهن، مما يفتح الباب لدخول فاعلين مستثمرين مزعومين لا يمكن التحكم فيهم بما في ذلك كيانات معادية لبلادنا، مع السماح لهم باستخدام أموال الخزينة العمومية الجزائرية لتمويلهم.

الأمر يتعلق إذن، بإلغاء التأميم وبخوصصة صريحة لقطاع حيوي خرقا للدستور. لقد أثبتت تجربة إلغاء تأميم المناجم التي نفذها شكيب خليل في أفريل 2001: أن الأمر يتعلق بشرعنة النهب الأجنبي كما حدث في منجمي الونزة وبوخضرة في تبسة من طرف ميتال ستيل وثم أرسيلور ميتال، وكذلك منجم الذهب أمسمسة بتمنراست من طرف الشركة الأسترالية GMA، أين نظم هؤلاء المستثمرين المزعومين افتراسا إجراميا لثرواتنا المنجمية وللأموال العمومية دون أي مقابل من حيث الاستثمارات، مما ترك هذه المناجم في حالة خراب تطلبت تدخل الدولة لإنقاذها. كما أن التجربة أثبتت في بلادنا وفي العالم أن الشركات المتعددة الجنسيات التي تستغل الثروات المعدنية لا تبحث سوى عن الربح، ومن أجل هذا، لا تحترم القوانين الوطنية في مجال حماية البيئة والحفاظ على الموارد المائية ولا المعايير الدولية المتعلقة بنفس هذه الشروط للحفاظ على الصحة العمومية والثروة الحيوانية والنباتية.

إنه إلغاء للتأميم، حيث، ما الفائدة من ملكية الأرض دون الثروات التي تزخر بها والتي سيتم تسليمها بلا قيود للمصالح الأجنبية؟ لماذا تُحرم بلادنا من ثروة لا تقدر بثمن ومنقذة للعديد من الأجيال الصاعدة!

إن الرهان الجيوسياسي والاستراتيجي للمناجم جد حساس بما في ذلك بالنسبة للأمن الوطني. فهذا القانون لا يوفر أي حماية للبلاد ويفتح الباب لفقدان السيادة على ثرواتها.

هل وجب التذكير بأن هذا التعديل التشريعي التقهقري يأتي بالتحديد في ظل سياق عالمي تم فيه إقامة إفتراس الثروات المنجمية كنظام لصالح الشركات المتعددة الجنسية على حساب البلدان المنتجة؟ لا يمكن التصدي لهذه السياسة القائمة على فرض ميزان قوة على جميع البلدان إلا من خلال فتح نقاش على أوسع نطاق ممكن لتحقيق الإجماع الضروري حول القضايا التي ترسم مستقبلنا.

نذكّر بأنه، منذ تأميمه سنة 1966، تنمية قطاع المناجم في بلادنا كانت نتاج، بصفة حصرية، لمجهودات وإمكانيات الدولة الجزائرية وإطارات وعمال القطاع الجزائريين، اليوم أيضا لا تزال الدولة تستثمر أموالا طائلة لإنجاز البنى التحتية (سكك حديدة، مصانع، …إلخ) الضرورية لتطوير القطاع المنجمي. هل يعقل إذن أن يستفيد من كل هذه المزايا المستثمرون الأجانب على حساب مصالح الشعب الجزائري؟

قلقنا بالغ، كون العديد من الخبراء الجزائريين قد حذروا من الطابع غير المتوازن للقانون الجديد وغياب الضمانات، كحق الشفعة للدولة الذي سيمكّنها من التدخل لوقف أي انحراف.

علاوة على ذلك، لا أحد بإمكانه فهم الدوافع الحقيقية لهكذا خطوة، التي ترهن مصير البلاد والأجيال الناشئة. فالثروات المنجمية التي تزخر بها البلاد معتبرة ومتنوعة: معادن نادرة، معادن ثمينة…إلخ. وبالتالي هذه الموارد تثير أطماع الشركات المتعددة الجنسية. لكن هذه الموارد الطبيعية قادرة على أن تشكّل بصفة تدريجية مصدر دخل إضافي مهم للبلاد في مواجهة الأزمات البترولية غير المتوقعة. إن الدولة وحدها هي القادرة على بعث هكذا توجه من خلال تخصيص الموارد المالية الضرورية للبحث في القطاع، خاصة وأن قانون سنة 2014 كرس انفتاحا بنسبة 49% للأجانب دون منع اللجوء، عند الحاجة، إلى الخبرة الأجنبية.

بالإضافة إلى ذلك، نحن نعلم من خلال التجارب أن إلغاء تأميم المناجم يؤدي بصف آلية إلى إلغاء تأميم المحروقات مثلما حدث سنة 2005. ممّا سيتسبب في كساد يُغرق بصفة قاتلة البلاد بالعودة إلى المديونية الخارجية مما سيقضي على المكاسب الاجتماعية والإقتصادية وسيدمر حظوظ تنمية اقتصادية حقيقية، خلاقة للثروة وحمّالة لأفق ضامنة حقيقة للرفاه الاجتماعي للشعب الجزائري عامة وللشباب خاصة. علما أن هكذا تطور قد يحمل سلاما دائما ومناعة لبلادنا، من خلال تقوية النسيج الاجتماعي الوطني.

اليوم، بلادنا ليست مخنوقة بديون خارجية ولا تعتمد على أي مساعدة أجنبية. فهي تتمتع إذن باستقلالية مالية تضمن لها سيادة القرار.

لذلك، يحق لنا أن نتساءل حول الأسباب التي دفعت الحكومة لانتهاج هكذا سياسة، خاصة وأن المترشح عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية لم يعرض في برنامجه الانتخابي مثل هكذا تنازلات عن السيادة. والأمر نفسه ينطبق على البرلمانيين الذين صادقوا على القانون بأغلبية واسعة.

من الضروري التذكير بأن هذه الثروات هي ملكية حصرية للشعب الجزائري كجزء من الملكية الجماعية للأمة، غير قابلة للمساس.

لهذا السبب، نحن الأحزاب السياسية الوطنية، القلقة قبل كل شيء على مصير بلادنا في عالم مشحون بالمخاطر يتزايد فيه عدم الاستقرار، ننبّه جميع الجزائريات والجزائريين ونطالب رئيس الجمهورية بصفته حامي الدستور، بتجميد هذا القانون اللا دستوري واللا وطني، من خلال الامتناع عن سنّه.

الأرسيدي – حزب العمال – جيل جديد