رفاهية العمل السياسي من دون تنظيم حزبي أو جمعوي سياسي

رفاهية العمل السياسي من دون تنظيم حزبي أو جمعوي سياسي

Temps de lecture : 2 minutes

 

بقلم زهير رويس*

 

في الجزائر عدد لا يحصى من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. كما أن فيها عددًا كبيرًا من النشطاء غير المهيكلين ، الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم ناشطين سياسيون، يتصرفون “منفردين” ولكنهم نشيطون جدًا، لا سيما عبر شبكات التواصل الاجتماعي. قد يتباهى البعض منهم بشعبية معينة، وإذا ما روجت لبعضهم وسائل الإعلام أو منظمات أجنبية، فإنه  ينتهي بهم الأمر بالاقتناع لفكرة الاستغناء عن أية حاجة للتنظيم مهما كانت طبيعته.

إننا لنجد من جهة أولئك الذين يبذلون جهدًا في التنظيم ، والعمل وتقديم مقترحات للإقناع بمشروعهم حتى يتمكنوا من تنفيذه لتغيير الأوضاع، ومن جهة أخرى أولئك الذين لسبب أو لآخر، يتدخلون في المجال السياسي بصفتهم فاعلين في هذا المجال ولكنهم في المقابل يستغنون عن أي جهد تنظيمي وبالتالي يتحررون من قيوده ومتطلباته، الشيء الذي يسمح لهم بأن يقولوا أو يفعلوا ما يرونه مناسبا من دون مسائلة، ودون أن يكون لذلك عواقب ودون الحاجة إلى تنظيم أنفسهم لتحقيق ما يريدون تحقيقه.

فنحن إذا أمام منهجين للممارسة السياسية ، يمكننا توضيحها ببعض الأمثلة لكل من السيناريوهات: العمل ضمن الإطار التنظيمي كالحزب سياسي مثلا، ودون إنكار الصعوبات الحقيقية المرتبطة بغياب دولة القانون ، يجب الأخذ بعين الاعتبار العمل وفق منطق العمل الجماعي ، تشكيل حد أدنى من الأعضاء موزعين على عدد من من الولايات حتى يمكن من الادعاء بالحد الأدنى من التمثيل ، تنظيم مؤتمر تأسيسي وتكوين حزب سياسي.

العمل المنظم في إطار حزب سياسي أو في جمعية ، يلزم العمل وفق لقوانين ولوائح داخلية تحدد السير الحسن الديمقراطي داخل الحزب كما تحدد حقوق وواجبات أعضاء الحزب. عقد اجتماعات دورية لمختلف الهيئات القيادية، التداول على القرارات الواجب اتخاذها وابلاغها إلى القواعد النضالية بعد تحديد خطة العمل ، وعند العمل ضمن هذه الاطر الحزبية أو الجمعوية السياسية ، يجب أن تكون هناك القدرة على العمل مع الآخرين والبناء معهم. الاخد بعين الاعتبار الديناميكية الجماعية وليس المنطق الفردي الأحادي. السعي وراء بناء تنظيم يكون على المدى الطويل يكون وسيلة ضمان ممارسة سياسية تعددية وتنشأة نساء ورجال يشكلون الطبقة السياسية الوطنية. العمل في إطار حزبي يلزم التفكير بجدية في تحرير وصياغة ونشر مشروع مجتمع وبرنامج سياسي يكون متوفر للجميع. يجب القيام بعمل تنظيم وتنشيط الهياكل البلدية والولائية ، وعرض المشروع والبرنامج للنقد من خلال تنظيم نقاشات موضوعية مع القدرة على الترشح بنية الدفاع عن مشروع مجتمع وبرنامج انتخابي للوصول للسلطة تكون وسيلة في عملية التغيير المنشودة.

ولكن حين لا تكون هناك رغبة  في التأطير ضمن تكوين سياسي أو جمعوي أو عندما لا تكون هناك قدرة  على التنظيم بعدد كافٍ من الأشخاص للقيام بذلك ، ومع ذلك الرغبة الملحة في لعب دور الفاعل السياسي كامل الحرية في قول أي شيء ، من دون مسؤولية أمام أحد. يمكن قول شيئًا ونقيضه في اليوم التالي ، من دون محاسب ولا رقيب. عندما يكون أحدهم غير مسؤولاً في أي تنظيم ، فلا مسؤولية له. يتحدث باسمه حتى لو تظاهر بتمثيل عدد من الناس. في نفس الوقت هو غير مجبر على استشارة أحد قبل التحدث أو اتخاذ موقف بشأن موضوع معين.

من السهل إعطاء الدروس وتشويه سمعة أولئك الذين يبذلون جهدًا في التنظيم  ويضحون بوقتهم ووسائلهم. أولئك الذين هم في مجال العمل للإقناع والمبادرة. عندما لا نكون منظمين في حزب سياسي أو جمعية، لا نحتاج إلى تبني مشروع اجتماعي أو صياغة مقترحات، ولا حتى مقترحات أقل واقعية ، لأننا لسنا معنيين بالمشاركة في الانتخابات. لذلك ومن السهولة بما كان ركوب الموجة ، ومجاملة المشاعر وقول ما يريد الناس سماعه ، كل هذا مع العلم بانعدام أدنى امكانية تحقيقها. في الأخير ولأنه بما أنه لا روادع ومساءلات شعبية، يطلق البعض العنان للخطابات الشعبوية والعدمية والمتطرفة.

 

زهير رويس
نائب رئيس جيل جديد و رئيس جيل جديد أوروبا