حراك أم تحراك؟ هل تغير هدفنا أم أنه وُجِّهنا من الموضوع الأساس إلى الفروع؟

حراك أم تحراك؟  هل تغير هدفنا أم أنه وُجِّهنا من الموضوع الأساس إلى الفروع؟

Temps de lecture : 2 minutes

 

إذا تكلَّمنا أسابيع عن المعرفة والرشوة في توزيع السكنات، فإننا بهذا نطعن في الوزير.

إذا نددنا بسوء معاملة الفنانين، أو عن رداءة الفن في الجزائر، فنحن نطعن في الوزير.

إن غضبنا لاعتقال النشطاء لأنهم ناضلوا، أو أننا ننصدم لأحكام قضائية قاسية أو حتى نراها ظالمة، هنا أيضا نطعن في الوزير.

الأموال وتوزيع الصفقات وعلميات الاستيراد والتصدير، ولو أدمجنا معهن الصناعة والزراعة والصيد…الخ. هنا نقصد الوزراء.

إذا فتحنا مواضيع الصحة، الدين، التعليم، الشؤون الاجتماعية، الخارجية…الخ. فلا زلنا منهمكون مع الوزراء.

ما هي النتيجة؟ النظام يغير الوزراء، بعض الناس تفرح، لكن المشاكل تبقى،

ونرجع الى الطعن والتنديد لشهور ولسنوات.

ما هو هدفنا؟ ألم يكن بناء دولة العدالة والقانون؟

في الحقيقة، إنا أُقيمت تلك الدولة ستنتهي أغلب المشاكل.

بكل هدوء ومنطق: المشاكل مهما كانت سوف لن يحلها وزير لديه قيود، أو وزير ليس لديه طاقمه الشخصي الذي يدعمه، يلزمه زمرة ثقة وكفاءة.

ألم يحن الوقت لنفكر في كيفية بناء تلك الدولة المرجوَّة؟

دولة القانون يكون فيها القضاء و الإعلام أحرارا، إذن يلزمهم دعم قوي، و من أقوى من الله و من بعده الشعب؟

يكون الشعب قوي لما يقول كلمته، و يختار هو ممثليه. ممثلين اختارهم عن طريق العملية الديمقراطية الرسمية الوحيدة، والمعمول بها عالميا.

إنها الانتخابات سيداتي سادتي.

لكن الانتخابات ولعقود من الزمن زُوِّرت وشُوِّهت حتى أصبحنا نرى أقوام يمثلون السلطة التشريعية لا علاقة لهم لا بالشعب، ولا بالقانون، ولا حتى بمستقبل الدولة. معيارهم المليار، وسيمهم التطبيل، وأعمالهم التزكار، وكلمتهم الباطل والشيتة من الفجر إلى الأسحار.

أليس الأجدر أن يأخذ الشعب بزمام الأمور، عوض انتظار أن يتكرّم عليه النظام ليعطيه السلطة طواعية؟

هل من ملك سلمها من قبل؟ إن فرعون استقبل رسولا من الله عز وجل، ومع ذلك لم يسلِّمها. أقول مبعوث إلاهي مخصوص له، وحاوره بالقول الحسن، ومع ذلك رفض.

إذن إنه لمن المستحيل أن يسلم النظام السلطة هدية مغلفة، معطَّرة للشعب. فمن جرب ذلك للأسف توفي بعد عمر طويل من الشيخوخة أو اشتعل رأسه شيبا وهو في مكانه يراوح. أمّا من أراد سلبها بالسلاح اختفى وأخذ معه ربع مليون من الشعب خطأً، أو بالأحرى ثمنا دون مكاسب تذكر ولا مقابل. رحم الله شهدائنا من كل الأطياف.

ألا نتعلم ونتعظ؟

إن لب الموضوع وسرَّه يكمن في مفتاح صندوق أبيض صغير. من ذلك الصندوق ينطلق كل شرٍّ وكل خير، كل قمع وكل رداءة، كل ظلم وكل حق.

ذلك الصندوق الذي يقال للشعب عنه أنه زائد ناقص، دون معنى، لا يهم، وليس هو الحل. بل هو سبب الغرق أو النجاة،

أيها السادة والسيدات، إن كان الصندوق محروسا من الألف للياء، والعملية الانتخابية أُقيمة بمهنية ومصداقية وشفافية واستقلالية، فليس لا لأمثال أويحيى أو سلال، أو حتى لجنرال أو لرجل أعمال أن يفرض شيء لا على القاضي، ولا على الشرطي، ولا حتى على رئيس البلدية التي يعيش فيها الشعب. الشعب الذي نصَّبه شيخا لقبيلتهم، يصونها ويعمل لصالحها.

فضح التجاوزات والتنديد والكلام مجهودات أتت بالحراك، والحراك أتى بنتيجة لا يستهان بها، فهل نرمي مكتسباتنا للعودة الى ما كنا عليه من قبل؟ أنخاف أن نتقدّم، أم أننا لا نثق بالشعب حتى نبقى فيما تعوّدنا فعله من قبل؟ خطوة صغيرة إلى الأمام سوف تزيدنا إصرارا.

حراكنا زلزل الجزائر وما عليها بالورود والابتسامة، بل أدهش بهدوئه العالم، ومع ذلك جعل نصف العصابة تكتب: “يوميات سجين”. من كان يتصوّر ذلك؟

الصندوق هو البداية والنهاية، ومنه نعمل جماعيا لزرعه بأوراق خيرة نساء ورجال الجزائر، ليعطينا ذلك الصدوق بذرة لشجرة التغيير التي تعطينا بدورها ثمرة دولة العدالة، الشعبية حقاً.

 

بشير إِيزيدي, هامبورغ(ألمانيا)
عضو في المجلس الوطني لجيل جديد